منوعات

محمد مولود ولد داداه (الشنافي) في سطور. …..

 

في اكتوبر 1935 تم تسجيل محمد في مدرسة بتلميت، بعيد تسجيل ابن عمه، المختار ولد داداه. وكان يتذكر كيف كان يكتب الكلمات الفرنسية بالخط العربي ليتمكن من حفظها! ثم بدأ بالتردد على المكتبات المختلفة لأقربائه في بتلميت حيث اكتشف مؤلفات كلاسيكية في التاريخ الثقافي والسياسي للعالم الإسلامي ككتاب تاريخ ابن الأثير الموسوعي أو التواريخ التمبكتية المعروفة،تاريخ السودان، وتاريخ الفتاش. وكان يقرأ كل ما يقع في يده حتى ولو لم يكن يفهم محتواه. وقد لاحظ مدير المدرسة، بن موسى، الذي اشتهر بين تلامذة بتلميت، شغفه بالكتب فأعطاه مفتاح قاعة المطالعة بالمدرسة حيث أصبح بإمكانه ولوجها في جميع الأوقات. وهنالك كان يواصل تيهه بين الكتب باحثا عن المصادر من أجل تنمية ثقافته العربية الإسلامية (جورجي زيدان، المنفلوطي، طه حسين، الخ). وقد قرأ ألف ليلة وليلة (بالعربية) وعلم من خلال الصحف التي تلقاها من خاله اسماعيل ولد الشيخ سيديا، قاضي بوتلميت، بانتهاء الحرب الاهلية في إسبانيا.

أثر اندلاع الحرب العالمية الثانية على مسيرته الدراسية “الحديثة”. كانت هذه فرصة بالنسبة له لتوسيع ثقافته “التقليدية” وهكذا قام في سنة 1940 مع أخيه الأصغر أحمد، الدي هو أيضا عالم مشهور ـ رحل للأسف ـ برحلة دراسية أقاما فيها عند مدرسين كبيرين في تلك الفترة هما محمد عالي ولد عدود وعبد الله العتيق درس فيها بشكل خاص أمهات الكتب في النحو العربي (ألفية ابن مالك، لامية الأفعال لنفس الكاتب بتعليق الشيخ سيديا، وألفية السيوطي) وديوان الشاعر الجاهلي امرئ القيس.
في يناير 1941 تم قبول محمد ولد مولود في مدرسة ويليام بونتي العليا Ecole Normale William Ponty في سبيكوتان، قرب داكار في أوج فترة التعليم في كل إفريقيا الغربية الفرنسية. وقد مكنه التكوين الذي حصل عليه هنالك من أن يصبح مدرسا. وعندما أنهى تكوينه الدراسي بها تم تحويله معلما في كيفة للسنة الدراسية 1945-1946. لم يمكث بها سوى عاما واحدا، فقد تم تحويله مديرا لمدرسة تجكجة. وقد استفاد من إقامته تلك، القصيرة بدورها لأنها انتهت في عام 1948، من أجل البدء ببحوث شفهية وبجمع مصادر الوثائق المخطوطة للتاريخ الموريتاني الذي سيشغل اهتمامه بدءا من تلك اللحظة. إن نسخ تاريخ تجكجة التي يتداولها الباحثون اليوم تشكل على سبيل المثال، من بين حالات كثيرة، إعادة نسخ للنسخة الأصلية التي جمعها محمد في فترة إقامته تلك.

في 1949 ستتاح الفرصة لمحمد لمواصلة دراسته في فرنسا. لقد نجح في امتحان الباكالوريا، وأصبح أول طالب ناطق بالحسانية يصل إلى ذلك المستوى التعليمي من النظام الدراسي الاستعماري. وهو ما فتح له أبواب الجامعة الفرنسية. وهكذا سجل في معمهد الدراسات السياسية كما سجل أيضا في معهد اللغات الشرقية حيث درس العربية وبدأ في الفارسية واهتم بدراسة النقوش في جنوب شبه الجزيرة العربية، جاعلا من اليمن البعيدة، و بلد الأصل المزعوم من قبل كثير من القبائل الموريتانية، إحدى مجالات اهتمامه. استفاد أيضا من إقامته الطويلة لدراسة الفارسية من أجل زيارة عدة دول أوروبية، باذلا الجهد كي يصل إلى الأعمال الأصلية للمستشرقين الذين اشتغلوا بالعالم العربي الإسلامي. وكان يكرر على الدوام أن “الألمانية هي أول لغة شرقية” وذلك بسبب بروز مساهمة المستشرقين الألمان في القرن التاسع عشر والعشرين في التعريف بالتراث الثقافي العربي الإسلامي. لنتذكر فقط كتاب Geschichte der Arabischen Litteratur تاريخ الأدب العربي” لكارل بروكلمان…

وطوال سنواته الباريسية قدم مساهمة فعالة للمؤَلف،الذي سيصبح مساهمة ذات مرجع في الحسانية، للعالم اللساني المتخصص في العربية واللغات السامية، دافيد كوهين، “اللهجة العربية الحسانية في موريتانيا”، Le dialecte arabe hassâniyya de Mauritanie، الذي ظهر وقت مغادرته لفرنسا سنة 1963، في باريس من خلال دار النشر كلينكسيك .Klincksieck

عاد إلى موريتانيا إبان الاستقلال حيث شغل عدة وظائف: :واليا للحوض في 1961-1962، سفيرا في تونس، موظفا دوليا في أديس بابا من قبل منظمة الوحدة الإفريقية في نهاية الستينيات، إداريا استشاريا في وزارة الداخلية، مكلفا، مثلا، بالدفاع عن وجهة النظر الموريتانية في المحاكمة المفتوحة في لاهاي عام 1975 بخصوص موضوع قضية الصحراء الغربية.

عبد الودود ولد الشيخ لكاساتايا.
ترجمة أبو العباس ابرهام
مراجعة البرفسور عبد الودود ولد الشيخ وموافقته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق