أخبار وطنية

الإعلان عن النسخة الثانية من الندوة السنوية حول العلامة عبد الحي ابن التاب وجيله.

علم موقع صدى ريم  من مصادره الخاصة  أن منشورات العلامة عبد الحي ابن التاب ستنظم بالشراكة مع  المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية – مبدأ ومؤسسة التجديد الفكري, الندوة السنوية حول العلامة عبد الحي ابن التاب وجيله  في نسختها الثانية تحت عنوان:

“المدونة الفقهية الموريتانية والتحولات المعيارية التي رافقتْ نشوء المدينة والدولة: العلامة عبد الحي ابن التاب وجيله”

تنطلق هذه الندوة بإذن الله صباح يوم 19 دجنبر 2019 القادم، في القاعة الكبيرة بفندق موريسانتر بنواكشوط، بمشاركة كوكبة من الدكاترة والباحثين والمحاضرين من موريتانيا ومن دول المغرب العربي ومصر والسنغال وأوروبا وغيرها…

ولقد كانت  حياة العلامة عبد الحي ابن التاب وأعماله ترجمتْ في جانب بارز منها التحولات الاجتماعية والسياسية والتربوية التي واجهها بشكل غير مسبوق تاريخيا فضاءُ الغرب الصحراوي خلال الثلثين الأخيرين من القرن العشرين.

فقد عرفت هذه المرحلة المحورية العبورَ بشكل كبير من نمط حياة سمته البارزة هي الترحال (حتى المدن القديمة والقرى القائمة كانت هي أيضا جزءا من نمط حياة رعوي ترحالي) إلى تقرٍّ متسارع وإلى حد ما قسري.

صحيح أن مؤرخي الديموغرافيا يُلحّون على أن العالم أجمع عرف مع عبور منتصف القرن العشرين حركة تمدين واسعة النطاق تمكّنت من إلغاء جزء كبير من نمط الحياة العتيق للمناطق الريفية. ولكن الغرب الصحراوي شهد تفاقم هذه الظاهرة بشكل مضاعف. فلم يتعلق الأمر فقط بالمرور من القرية إلى المدينة بل بميلاد القرية نفسها وبميلاد قريةٍ نُظِرَ إليها أساسا باعتبارها أجنبية أو استعمارية. بعبارة أخرى، تم الانتقالُ طفراويا من نمط بدوي إلى نمط نصف حضري أو شبه حضري تتشكَّلُ صورته في الذهنية المحلية باعتباره كائنا دخيلا أو مستوردا بشكل قسري. وما أصبح شيئا فشيئا تكتلات سكنية كبرى هو كما هو معروف إنتاج لطفرة تقرٍّ بًنيتْ على غير نموذج.

إن هذا النمط من التمدين الغير مسبوق تقريبا في الماضي القريب للإنسانية ترافقَ مع تحول لا يقلُّ أهمية تجسَدَ في ظهور نواة دولة مركزية موروثة عن الاستعمار كما هو الحال في أغلب بلدان العالم الثالث كصورة سياسية جديدة ومُبنينِة.

نفهم تبعا لذلك أن العلامة عبد الحي وجيله من الفقهاء سيواجه هذا التحول كنازلة فقهية لا تتحمل تأجيل الإجابة. وسيزداد الأمر تعقيدا مع ظهور وتجسّد ما تعنيه نواة الدولة الحديثة في فضائها الجديد، أي ما تعنيه قانونيا ومعياريا وما تعنيه إداريا وتربويا. بالرغم من أن هذه الأسئلة واجهها العالم أجمع منذ بدايات الأزمنة الحديثة وواجهتها دول العالم الثالث والعالم الإسلامي بشكل خاص منذ أواخر القرن التاسع عشر ولكن دلالاتها في الغرب الصحراوي ستأخذ منحى خاصا بالنظر إلى أن المدينة أو شبه المدينة والدولة أو شبه الدولة كانتا غائبتين بالمعنى القديم كما بالمعنى الحديث. أي أن نواة الدولة كما نواة المدينة سيُنظر إليهما كجزء من النازلة الاستعمارية أو كجزء من تركتها. فلم يَعرف الغرب الصحراوي تقريبا منذ ما يناهز الألف سنة أن منذ اختفتْ منه الامبراطورية المرابطية (لم تحكمه الامبراطورية الموحّدية إلا جزئياً) أي سلطة مركزية تذكر. بل عرفَ عكسا لذلك سلسلة من إخفاقات المحاولات السياسية ذات التوجه الممركِز. كما عرف لنفس الأسباب قرونا من هشاشة الظروف الأمنية أطلقَ عليها في المراحل المتأخرة لما قبل الحقبة الاستعمارية مصطلحُ السيبة. تبعا لذلك فقد عرفتْ تلك المناطق صيغا خاصة بها من الفقه سميتْ أحيانا فقه السيبة وفقه البادية.

ورغم ظهور الإمارات الحسانية التي تقاسمت المجال الصحراوي منذ بدايات القرن الثامن عشر فإن المدونة الفقهية السائدة لم تزدد إلا اقتناعا بخصوصية مجالها كمجال سيبة متفاقمة وهو ما نجد صداه في النقاشات الفقهية للقرن التاسع عشر المتعلقة بمواجهة المدّ الاستعماري.

وهكذا فإن جيل العلامة عبد الحي لن يواجه فقط نازلة الاستعمار ولكن أيضا نازلة الدولة والمدينة الموروثتين عنه. ونازلتهما ستتعلق بمجموعة من الظواهر التي بدت حينها كلها مستوردة من الخارج غير المسْلم، من الخارج المهيمِن، وأكثر من ذلك من الخارج الذي أصبح داخلا. وطبعا ستتعدّد وتتباين سلوكات وردود أفعال الفقهاء.

وإذا كانت أغلبية الفقهاء المحليين ستختار الابتعاد أو المراقبة عن بعد فإن العلامة عبد الحي وزملاء قليلين له سيختارون طريقا مغايرا لمواجهة الأسئلة الجديدة. وهكذا يمكننا أن نتتبع هذا الجهد الخاص في أعماله الفقهية كما في أعماله الأدبية بدءا من موقفه المسجَّل شعراً ضد مشروع البقاء في الاتحاد الفرنسي (استفتاء 1958) مرورا بمناقشته للقضايا السلوكية والأخلاقية التي فرضها التحول الجديد (الملابس، العادات الجديدة، الخ) ولكن أيضا لقضية التعليم العام والقضايا التي تطرحها فقهيا المؤسسات الدولتية الناشئة إلخ. وكما تَظهر هذه الإشكاليات أحيانا في شكل مواقف معبَّرٍ عنها شعرا أو نثرا فإنها تظهرً بشكلِ أبحاث وفي شكل نقاشات مع فقهاء آخرين أو في شكل فتاو وردود على أسئلة من أفراد أو مؤسسات رسمية أو غي ر رسمية.

تهدفُ هذه الندوة إلى مراجعة مدونة العلامة عبد الحي ومدونات نظرائه وإلى سرد الدلالات التاريخية والاجتماعية لتلك المدونات في سياقيها المحلي والإقليمي وربما فيما يتجاوزهما.

وانطلاقا من ذلك تهدف الندوة إلى إعادة تقييم المساهمات الفقهية والعلمية التي مثلتها هذه المساهمات الفقهية من منظور التجديد والاجتهاد سواء في إطار الحدود التي يفرضها الخطاب الفقهي التقليدي أو على مستوى السعي بنسبة أو أخرى إلى تجاوز هذه الحدود.

المحاور:

المحور الأول/ المدونة الفقهية التي أنتجها جيل الشيخ عبد الحي بن التاب

الورقة1: الأدوات المنهجية التي تمكن من مراجعة هذه المدونة الفقهية.

الورقة2: أهم القضايا التي شملتها المدونة، ومرجعية مواقف الفقهاء منها.

الورقة3: عناصر التجديد في هذه المدونة، ضمن سياقها التاريخي والاجتماعي.

 

المحور الثاني/ المدونة الفقهية الموروثة عن المجتمع البدوي ومجتمع السيبة

الورقة1: الوجاهة العلمية لمصطلح فقه البادية وفقه السيبة أولخصوصية جوهرية من هذا القبيل.

الورقة2: انعكاس هذه المدونة في آراء جيل الشيخ عبد الحي بن التاب.

الورقة3: انعكاسها، استمرارا أو قطيعة، في آراء الجيل الراهن ممن منتجي الخطاب المعياري في المجتمع.

 

المحور الثالث/ قيم جديدة فرضها التمدين أو التقرّي الفجائي على مجتمع الغرب الصحراوي

الورقة1: موقف جيل الشيخ عبد الحي بن التاب من قيم المدينة المخضرمة الناشئة.

الورقة2: “نازلة المدينة والدولة” في الغرب الصحراوي بالنسبة للحركة الإصلاحية التي عرف العالم الإسلامي منذ القرن التاسع عشر.

الورقة3: مدى حضور المدونة الفقهية “المخضرمة” في الخطاب الفقهي والمعياري المعاصر في موريتانيا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق