شكلت حادثة غرق الطفل محمد ابن محمد المامي ولد طه مساء الخميس الماضي صدمة للأهالي والمعارف وقد عبر عن ذلك الجميع كل بطريقته، وهذه نماذج مما كتبه الشعراء والكتاب عن هذه الحادثة، فقد نشر النبهاني ولد أمغر على صفحته على الفيس بوك:
في هذا المحيط الهادر الغامض غرق ابن والدي الغالي وأخي الأكبر: الولد الحافظ البر أخي الأصغر سنا الأكبر معنى محمد ولد محمد المامي ولد طه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
منذ الليلة البارحة وأهل الولد الغريق الشهيد يرسلون النظرات الحزينة ملء هذا الخضم المظلم، أملا أن يقذف اليم الجثمان.
ثم عاد النبهاني فكتب من جديد:
يواصل ذوو وأقارب الولد الغريق، (محمد ولد محمد المامي ولد طه) ومن معهم من أحبة ومعارف، وأفراد من خفر السواحل؛ ذرع شاطئ نواكشوط جيئة وذهابا، لعل موجة تتكرم بحمل جسد ابنهم الذي اختطفه البحر من بين رفاقه قبل عشرين ساعة.
تمر اللحظات متثاقلة متجهمة، يرقب الأهل كل موجة منذ أن تلوح للناظر حتى تتكسر على أقدامهم!
وعلى امتداد هذا الشاطئ لم أر فرقة أمنية واحدة مرابطة، ولا قاربا واحدا للنجاة، ولا مرشدا واحدا يرشد الشباب إلى تجنب الأماكن الخطرة!
لا حول ولا قوة إلا بالله.
فيما دون محمد الامين ولد لكويري على صفحته في الفيس بوك:
عدنا البارحة من رباط أقيم على شاطئ الأطلسي بحثا عن ابن عمي وخالي وابن أختي وابن خالي وابن خالتي الفتى محمد بن محمد المامي ولد طه الذي اختطفه الموج مساء الخميس الماضي
لما وصلني ذلك المقطع الصوتي الفاجع، الذي ينعي الطفل محمد – والذي لم أصدقه لفرط شدة الصدمة، فرددت على صاحبه أني أرجو من الله ان يكون هذا الخبر ليس صحيحا قبل ان تتوالى الأنباء بما لا يترك للشك محلا – توجهت اولا إلى منزل والدي الطفل.
لما وصلت المنزل كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى، فلا أنا أستطيع رؤية والدته المفجوعة في صغيرها البار، الحافظ كتاب الله والمتفوق في دراسته، وهي من هي مني، ولا نفسي تسمح لي بأن أغادر دون ان أصلها وأواسيها، لكني تشجعت حتى وصلت إليها لتفاجئني في حديث مع قريبات لها وهي بذات المزاج الذي عهدتها عليه وكأن شيئا لم يكن، تبارك الله أحسن الخالقين.
اما الوالد فقد أخبرني أن خبر وفاة ابنه كان بالنسبة له قد مثل تفريج كرب حل به عندما رأى النعاة يتقدمون إليه وقد ذعرهم داهم، فتخيل الأمر أكثر بشاعة، خاف أن يكون الابن قد لحقته “الناقصه” فكان خبر نعيه أخف مما هيأ له نفسه.
نسأل الله عز وجل أن يرحم الطفل محمد ابن محمد المامي ولد طه، وأن يبارك في والديه وإخوته، وفي جميع أفراد الأسرة الفاضلة، وأن لا يريهم بعده مكروها.
هذا وقد عدنا دون أن نجد لفقيدنا أثرا بعد ثلاثة أيام متواصلة من البحث على طول عشرات الكيلومترات من شواطئ هذا العملاق الكافر
أما يبَّ ول الديدَ فقد رثى الفقيد بالقصيدة التالية:
لأجر الحمد نكتسب اكتسابا””ونصبر ما ألم بنا احتسابا
وما فعل الجليل بنا جميل””ويحسن ان نؤوب له مآبا
فقدنا الأكرمين ندى ومجدا””وعودنا الزمان لهم ذهابا
فأزمنة فقدناهم شيوخا””وآونة فقدناهم شبابا
فنرضى بالقضاء كما أمرنا””ومن يرضى القضاء فقد أصابا
ألا لله من صبروا و تابوا””وطوبى للمنيب إذا أنابا
فليس محمد إلا شهيدا””كما شهد البنون له وَلابا
فما في والديه نراه فيه””فقد طابت أرومته وطابا
لأهل الله منزلة تسامت””جزاءا للذي حفظ الكتابا
فبوأه المهيمن نزل رحمى””وألهمنا الإنابة والصوابا
نعزي والديه وأقربيه””ونقتسم المصيبة والثوابا
فهم بيت المروءة والمعالي””بالإحسان قد ملكوا الرقابا
تذكرني حلومهم بقيس””ولم أعجب إذا صبروا المصابا
ومن طيب الصنائع والسجايا””محمد المام قد ملك النصابا
وعن ضيم ومنقصة تناءى””وإن يدعى لمكرمة أجابا
وياليت النسا كالدَّدَّ مسعى””جمعن الدين والشيم العذابا
عسى الرحمن يرزقنا عزاء””وذا بيت يناسب ذا الخطابا
عطيته إذا أعطى سرور””وإن أخذ الذي أعطى أثابا
على طه السلام وآ لِ طه””ومن يقفو المشفع والصحابا
يبّ الديد
بتاريخ 17/03/2020
في حين كتب ممو الخراشي على صفخته:
نعمتا الإيمان والصبر
… جلس والدنا، وابن عمنا الفاضل محمد المامي بن طه أمام منزله بعد صلاة المغرب، في انتظار ابنه الأصغر، فقد تأخر على غير عادته، وفجأة ظهر رجال أربعة وشاب حدث، يقول الصبي: “هذا منزلهم!”.
تحرك الوالد نحوهم ببطء، فالشفيق مولع بسوء الظن، جالت في ذهنه أجوبة كثيرة: شرطة، قتل، جريمة؟! وكان يكذب نفسه فابنه لم يعرف بأي من ذلك، بل كان جادا في تحصيل العلم، حافظا للقرآن، متقنا لرسمه، وليس بينه وبين الإجازة غير خطوة.
“فما كان بيني أن لقيتك سالما @ وبين الفنا إلا ليال قلائل”
قالوا: آجرك الله في مصابك بابنك، اختطفه موج البحر قبل ساعة، فقال: الحمد لله! خفت أن يكون أجرم في حق أي كان، أو ظلم، أو فسق، اللهم لك الحمد.
عزى الأهل، وطمأنهم، واتجه ناحية الشرطة لإخلاء سبيل المعتقلين.
رابط، ورابطنا معه أياما على الشاطئ، وزارته وفود من قبائل شتى، ومن جميع الشرائح والجهات، فكان أثبت الحاضرين “وهل يخف لنفخ الريح ثهلان؟”
ظلت الأنظار مشرئبة لانكسار الأمواج على الشاطئ، وانتهى الرباط الحزين اليوم دون العثور على الجثمان.
“والبحر متسع وخاو
لا غناء سوى الهدير
وما يبين سوى شراع رنحته العاصفات وما يطير
إلا فؤادك فوق سطح الماء يخفق في انتظار
رحل النهار فلترحلي
رحل النهار”.
لم يكتمل العقد الثاني، ولم تكتمل فرحة الإجازة:
“ففاز أمير المؤمنين بحظه @ وإن طرقت فيها الخطوب بمعظم”
رحم الله محمدا، وبارك في إخوته، وحفظهم ووالديه، ولا زالت تلك الدوحة الطيبة وارفة الظلال.
ممو الخراش.
وقد كتب دودو ولد امدا على صفحته ما يلي:
تعزية ومرثية معا للأخ الشاعر دودو آب محمدا
إلى أهل طه :
وُلّْ أهلْ طهَ كَاعْ ابْحَرْ
وُالشَّهادَ ماهَ طهَ
ذُوكْ أَخْمُسْ تَيَّامْ افْلبْحَرْ
اعْطَاهَ وُلْ أَهلْ طَهَ
أُعَاكبْ ذاكْ امَّلِّ حَافظْ
وُامْجَوَّدْ كانْ ، أُمتْحَافظْ
وُالْبُرُورْ اعْلِيهْ امْحَافظْ
وَاصْحَابُ فيهْ اتْخَطَّاهَ
أُمنْ شِ خاسرْ كَاملْ نَافظْ
دَارْ الْخَاسرْ مَا يَوْطَاهَ
وُلّْ أهلْ طهَ كَاعْ ابْحَرْ
وُالشَّهادَ ماهَ طهَ
ذُوكْ أَخْمُسْ تَيَّامْ افْلبْحَرْ
اعْطَاهَ وُلْ أَهلْ طَهَ
مُحَمَّدْ يَعْطِيهْ الرَّحْمَ
وُالْحُورْ الْعِينْ الْمزْدَحْمَ
تبْردْ لَخْلاكْ أُلاَ تَحْمَ
اعْلِيهْ أُذيكْ اتْخَطَاهَ
يَسْمَحْلُ باجْوَارْ الرَّحْمَ
طَهَ لا يَحْرَكْ عنْ طَهَ.
وُلّْ أهلْ طهَ كَاعْ ابْحَرْ
وُالشَّهادَ ماهَ طهَ
ذُوكْ أَخْمُسْ تَيَّامْ افْلبْحَرْ
اعْطَاهَ وُلْ أَهلْ طَهَ.
دودو آب محمدا
#كامل_العزاء_والمواساة
.gif)