إلتماس
أعلنت السلطات الموريتانية والسينغالية عن تشييد جسر مستقبلي في روصو يربط بين البلدين، ويكتسي هذا المشروع أهمية تاريخية عالية.
فإلي جانب البعد المتمثل في ترسيخ الصداقة والأخوة القديمة بين البلدين، سيكون هذا العمل الفني بلا شك إبنا للماضي المشترك للشعبين، لهذا السبب ومن أجل استكمال جماله وإلهامه المتناغم وإتقانه ندعوا بتواضع سلطات البلدين إلي إعطائه اسم أمير اترارزة إعلي ولد محمد لحبيب ولد أعمر ولد المختار المعروف أيضا باسم يلي انجمبت افال.
ذلك أن هذا الأمير استطاع مدعوما بمولده وفترة حكمه وتحالفاته الزوجية ونسبه أن يمثل جسرا وحلقة وصل ورمزا للقرابة والتحالف بين الدولتين.
لقد تم إبرام زواج والديه وهما أمير اترارزة محمد لحبيب والأميرة انجمبت فاطيم يامار خورياي امبودج في دكانه بالسينغال في 18 يونيو 1833، وقد كان هذا الزواج محطة حاسمة في العلاقة بين الشعبين، خاصة فيما يتعلق بإقامة التقارب والوحدة التي برزت بعد ذلك كعامل رئيسي في مواجهة التغلغل الإستعماري.
كما أن الأميرة آرام بكار أمبودج افارا أخت الأميرة فاطيم يامار خورياي امبودج وزوجة الإمام عبد القادر كان هي جدة عائلتي كان الكبيرتين في مقامه بموريتانيا وكوبلو بالسينغال، أضف إلي ذلك أن أمير اترارزة اعل ولد محمد لحبيب أو يلي انجمبت افال كان وريثا للقيم الحربية النبيلة لهذين الشعبين اللذين ميزا تاريخ هذا الجزء الغربي من افريقيا، فكان بؤرة للتبادل واختلاط الأجناس منذ عدة قرون. وكانت عائلة والدته-” التدجك-” واحدة من أبرز العائلات المالكة التي تركت بصماتها علي صفحات تاريخ مماكة والو بأحرف من ذهب، ولا تزال تعيش في الذاكرة الجماعية لوالو- والو (سكان والو)، علاوة علي نسب والده الذي ينتمي إلي الخيمة الأميرية العظيمة في اترارزة( أهل محمد لحبيب) أولاد أحمد بن دمان.
وقد أدي هذا الإقتران إلي الصلح بين إمارة اترارزة ومملكة والو.
لقد كان الأمير أعلي ولد محمد لحبيب أو يلي انجمبت افال سينغاليا موريتانيا لسببين اثنين:
* من ناحية لأنه من سكان والو باعتباره ابن انجمبت فاطيم يامار إبنة أسرة كيلوار، وقد تم أعلانه وريثا لمملكة والو فور بلوغه الحلم.
*وكذلك لأنه كان أميرا لاترارزة وابن أميرها، وأبا لأميرها أحمد سالم الثاني المعروف ب (بياده).
إن هذا الإستحضار التاريخي المختصر لهذه الشخصية الرائعة وللمسيرة المشتركة عبر الزمن لموريتانيا والسينغال يسلط الضوء علي رمز يجسد بعد ما يقرب من قرنين من قران والديه حكمة أسلافنا الذين جسدوا عظمة ونبل الإتحاد من أجل السلام والأمن في بلديهما. ومن النادر في تاريخ هاتين الدولتين تكرار مثل هذا المسار الفردي خدمة للبناء والتوطيد الدائم للعلاقات بين شعبين محكوم عليهما بفعل الجغرافيا والتاريخ بالحوار والسلام والأخوة.
تلكم هي بعض الأسباب التي دفعتنا إلي تقديم هذا الإلتماس حتي يحمل جسر روصو المستقبلي علي نهر السينغال اسم أمير اترارزة اعلي ولد محمد لحبيب الملقب يلي انجمبت افال، هذه الشخصية التي عززت علاقات دامت قرونا بين موريتانيا والده وبلد أمه السينغال والتي سترتبط رمزيا بهذا العمل المكمل بالحداثة المتأصلة في التبادلات بين البلدين من خلال هذا الإنجاز، وستساهم تسمية الجسر في المعرفة الجيدة والحفاظ علي جمال التاريخ المشترك للبلدين، وبالتالي في غرس بذور استدامة الصداقة والسلام والأخوة الموريتانية السينغالية.